الأمم المتحدة تبحث عن حلول لدعم صحة المحيطات
الأمم المتحدة تبحث عن حلول لدعم صحة المحيطات
انطلقت تحذيرات الخبراء قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيط في مدينة نيس الفرنسية، وسط مؤشرات متسارعة على تدهور غير مسبوق في صحة المحيطات، نتيجة عوامل متداخلة كتحمّض المياه، التلوث الواسع، تناقص المخزون السمكي، وارتفاع حرارة المياه، ما يهدد بانقراض أكثر من نصف الأنواع البحرية خلال هذا القرن.
وفق تقرير نشره الموقع الإعلامي للأمم المتحدة، الأحد، تستضيف مدينة نيس الفرنسية المؤتمر في الفترة ما بين 9 و13 يونيو 2025، ليكون أول اجتماع أممي منذ اعتماد اتفاق قانوني للحفاظ على التنوع البيولوجي البحري واستخدامه المستدام، وتركز أجندته على حماية الحياة في المحيطات كأولوية عالمية.
تحذيرات من العلماء والخبراء
أطلقت مينا إيبس، مديرة برنامج المحيطات في الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، تحذيراً شديد اللهجة حول خطورة الوضع الحالي، قائلة: "نحن في وضع حرج للغاية، إذا لم نحْمِ المحيط ونُرمّمه، فستكون العواقب مدمرة على المناخ والخدمات التي نعتمد عليها جميعاً".
وأضافت أن الشعاب المرجانية، رغم أنها تشغل أقل من 1% من المحيط، تدعم ربع الحياة البحرية، محذّرة من موجات الحر البحرية المتكررة التي تسببت، كما حدث في بنما، بفقدان نحو 75% من تنوع الشعاب المرجانية.
بدوره، قال بيتر طومسون، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للمحيط، إن الاحتباس الحراري الناتج عن حرق الوقود الأحفوري يسخّن المحيط بمعدلات خطِرة، ما يؤدي إلى تغيّرات بيئية كارثية، وارتفاع منسوب البحار، ونفوق الشعاب المرجانية.
ودعا إلى "ترك الوقود الأحفوري في الأرض، والانتقال إلى الطاقة المتجددة بأسرع وقت ممكن".
خطة طموحة لحماية الكوكب
أشار ألفريدو جيرون، رئيس أجندة العمل من أجل المحيط في المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى مبادرة 30×30، التي تهدف إلى حماية 30% من الأرض والمحيطات بحلول عام 2030.
وأوضح أن 10% فقط من المحيط حُمي حتى الآن، مضيفاً: "التحدي اليوم هو: هل نملك الأدوات والحوافز والتمويل الكافي لحماية الـ20% المتبقية خلال السنوات الخمس القادمة؟"
وأكد بيتر طومسون أن علماء البيئة يعدون حماية 30% من الكوكب خط الدفاع الأخير لتجنب انهيار الأنظمة البيئية، مضيفاً: "إذا لم نحقق هذا الهدف، قد نواجه انقراضات واسعة، منها انقراض الإنسان نفسه".
معاهدة أعالي البحار: خطوة قانونية فارقة
سلّط المؤتمر الضوء على أهمية "معاهدة أعالي البحار"، والتي تمنح المجتمع الدولي للمرة الأولى أدوات قانونية لحماية المناطق البحرية خارج السيادة الوطنية.
أوضح طومسون أن المعاهدة تتيح تقاسم الموارد الوراثية والتكنولوجيا البحرية، مشدداً على ضرورة أن تصادق 60 دولة عليها لدخولها حيّز التنفيذ بحلول موعد المؤتمر.
كما انتقد بشدة الدعم المالي الموجه لأساطيل الصيد الصناعية، والذي يبلغ نحو 30 مليار دولار سنوياً، مطالباً بتحويل هذه الموارد لدعم المجتمعات الساحلية، والتأقلم مع تغيرات المناخ.
دور القطاع الخاص: من استغلال البحر إلى تجديده
طالب المشاركون بإعادة تعريف دور القطاع الخاص في حماية المحيطات، مشيرين إلى أنه لم يعد كافياً أن نتحدث عن "الاستخدام المستدام"، بل أصبح من الضروري الحديث عن "التجديد البيئي".
قال جيرون: "إذا أنشأت مزرعة رياح بحرية، فهل يمكنك بناؤها بطريقة تساعد على نمو الشعاب المرجانية؟ وإذا بنيت ميناءً جديداً، فهل يمكن أن تستخدم أشجار المانغروف لتثبيت الساحل بدلاً عن الخرسانة؟"
وأضاف أن القطاع الخاص يجب أن يُعد شريكاً في جهود حماية البيئة البحرية، مشيراً إلى تجارب ناجحة في جنوب غرب بابوا، حيث ضاعف نساء جزيرة بيانسي دخلهن بالتحول من بيع الأسماك إلى تصنيع منتجات سمكية.
من جانبها، دعت مينا إيبس إلى عدم التعامل مع القطاع الخاص كمجموعة متجانسة، بل التفريق بين الشركات الكبرى التي نحتاج للعمل معها، والمؤسسات الصغيرة التي تحتاج إلى دعم واستثمار مباشر.
أزمة المحيطات
أدى تسارع التغير المناخي والتوسع الصناعي غير المنضبط إلى تدهور خطِر في صحة المحيطات، التي تُعد المنظم الأساسي لمناخ الأرض، حيث ارتفعت حرارة المياه بمعدلات قياسية، وأُتلفت مساحات واسعة من الشعاب المرجانية بفعل موجات الحر البحرية، كما تُهدد الأخطار البيئية أكثر من نصف الأنواع البحرية بالانقراض، ولا تزال أقل من 10% من المحيطات خاضعة لحماية فعالة.
وفي ظل هذه الأوضاع، يأمل المنظمون أن يكون مؤتمر نيس نقطة تحول حقيقية في طريق حماية "رئة الكوكب الزرقاء".